ساعات إضافية مقابل مساء "عائلي"
موظفو الفروع في المصارف فرحون بتمديد ساعات عملهم
الرياض - محمد الجماح:
لعل المفارقة الوحيدة التي لم يتطرق لها المحللون والمعلقون على قرار توحيد فترتي عمل فروع المصارف السعودية الى فترة واحدة هو ان القرار زاد ساعات العمل المعتادة في المصارف ورغم ذلك استقبله نحو 30الف موظف وموظفة في المصارف الاحدى عشر بترحاب بالغ وامتنان كبير للقيادة الرشيدة التي اختارت التوقيت المناسب للقرار.
ووفقا للقرار ستكون ساعات العمل الجديدة سبع ساعات تضاف اليها ساعة واحدة لاقفال العمليات بعد انتهاء الدوام الرسمي ، فيما كانت معظم المصارف تعمل ما بين 5.5الى 6ساعات فقط مقسمة على الفترتين الصباحية والمسائية حيث تفتح بعض المصارف ابوابها في الثامنة او الثامنة والنصف صباحا حتى صلاة الظهر ثم تعاود الافتتاح لساعتين اخريين في المساء.
وسواء زادت ساعات العمل او تساوت فان موظفي المصارف مستعدون تماما لأي زيادة في ساعات العمل ستعطيهم مجالا مسائيا اوسع للجلوس مع عائلاتهم وقضاء مساء عائلي يقومون فيه بواجباتهم الاسرية ويؤدون العديد من الالتزامات الاجتماعية المعروفة في المملكة التي كانوا شبه منقطعين عنها في الماضي والتي بدأ المجتمع بدوره يتفهم ظروفهم بعد ان عانوا في فترات ماضية من النقد الاجتماعي الذي وصل في بعض الاحيان الى العزوف عن تزويجهم خصوصا في بدايات انطلاق العمل المصرفي في البلاد.
والذي لا يعرفه الكثيرون ان القرار الجديد وتطبيقه المرتقب سيلقي بظلاله ايضا على موظفي الادارات العامة في المصارف الذين كانوا يتمتعون بالدوام لفترة واحدة لكن بعض الادارات كانت تضطر للعمل مساء او للعمل على فترتين لمواكبة عمل الفروع او تقديم المساندة التقنية واللوجستية للفروع وهؤلاء ايضا ستنتهي تكليفاتهم او تتقلص تبعا لعدد الفروع التي يعتزم كل مصرف استثناءها من القرار والتقدم لمؤسسة النقد العربي السعودي بطلب تمديد ساعات عملها الى الفترة المسائية كما اوضح التعميم الايضاحي الصادر من "ساما" مؤخراً.
واذا كانت الجديدة من تاريخ المصارف السعودية ستلقي بظلالها على الفكر المسائي الطاغي في المملكة وتؤسس لمراحل جديدة من تنظيم ساعات العمل وفترات الدوام في قطاعات اخرى فانها ايضا ستلقي بظلال ايجابية على الشارع السعودي الذي سيبدأ الاعتياد على ان المساء هو فترة الراحة والحياة والاجتماعية والنهار هو فترة العمل للجميع مما قد يرفع الطلب على قطاعات عديدة ويخفضه على قطاعات اخرى تبعا لسير التنفيذ الذي يتوقع ان يكون دقيقا قياسا على اداء المؤسسة والمصارف المتسم بالالتزام بالانظمة والقوانين بشكل دقيق.
شيئا فشيئا سيتحول المجتمع السعودي الى التواؤم مع المجتمعات المتقدمة اقتصاديا وصناعيا والتي تعطي لتنظيم ساعات العمل قدسية كبيرة وهو ربما سيشهد قريبا تغيير الاجازة الاسبوعية الى يومي الجمعة والسبت ثم سيشهد اقبال القطاع التجاري على تقليص ساعات العمل المسائية الى ساعات النهار الممتدة خصوصا وان بعض المراكز التجارية الحديثة المغلقة طبقت فكرة العمل في فترة الظهيرة التي كانت فترة الانقطاع عن الاعمال باسباب الطقس ونجحت التجربة بشكل لافت قد يؤسس لثقافة عمل جديدة يتطلب ترسيخها قرارات تدريجية متوالية تصدرها جهات الاشراف عليها او وزارة العمل.
واجمالا سيكون العمل في فروع المصارف جاذبا للشباب من الجنسين وستتقلص نسبة التسرب التي تشهدها الوظائف في الفروع نتيجة استهلاك هذه الوظائف لليوم باكمله ،
وبالمثل ربما شهدت القطاعات التجارية الاخرى نفس الظاهرة بمرور السنوات الامر الذي يدعم اتجاهات سعودة هذه القطاعات كما سيدعم جهود مكافحة التستر التي رغم عقود من الزمن لم تحقق النتائج المطلوبة
|