عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2009, 09:12 AM   #102
بيادر الحب
المراقب العــام
الصورة الرمزية بيادر الحب

المعلومات





آحدث المواضيع


الاتصال

بيادر الحب غير متصل

بيادر الحب تم تعطيل التقييم
افتراضي رد: [ أنت لي ] رواية جميلة للكاتبة / تمرحنا

وليد التفت إلى سامر الجالس في الوراء وسأل:
"هل أنت بخير؟؟"
فرد سامر مندهشا:
"ماذا جرى لوجهك وليد؟؟"
فاستدار وليد إلى الأمام وركز النظر في الطريق...
عندها التفت أنا إلى سامر ونطقت:
"هاجمونا وضربوه حد الموت... العساكر الوحوش..."
ذهل سامر وحدق بي ثم بوليد بأوسع عينين...
فتابعت:
"ماذا كنا سنفعل لو أنهم قتلوه؟؟ ماذا كان سيحدث لي لو أنهم أطلقوا الرصاصة على رأسه كما كانوا يعزمون؟؟"
وسمعت صوت وليد يناديني زاجرا:
"رغد"
فالتفت إليه ورأيت في عينيه نظرة انزعاج... فقلت وأنا أمسك بطرف وشاحي في يدي وأقول:
"أيرضي أحد ما أنا فيه؟؟ ما الذي فعلته لأمر بكل هذا؟؟ إلى متى سأعيش هذا التشرد؟؟ أنا تعبت... تعبت"
وطأطأت رأسي ودفنته بين ثنايا الوشاح وجعلت أبكي بحرقة...
حل صمت طويل علينا... وانشغل كل منا بأفكاره الخاصة... إلى أن أحسست بسرعة السيارة تخف تدريجيا... ثم تتوقف.
نظرت إلى وليد فرأيته ملتفتا إلى سامر يخاطبه قائلا:
"تول القيادة... أنا مرهق"
ثم سمعت صوت الباب الخلفي ينفتح وينزل سامر... التفت وليد إلي وقال:
"اذهبي للخلف"
وخرجنا جميعا من السيارة لتبديل مقاعدنا. وقبل أن يركبا, منحاني فرصة لنزع حجاب الصلاة الأبيض وارتداء الوشاح والعباءة الأسودين... كنت ألقي بنظرة عليهما... وأرى وليد يقف محني الظهر... مستندا إلى السيارة... والتعب جلي عليه... أخذت أراقبه عبر زجاج النافذة دون أن ينتبه... وعندما ركب السيارة بادرت بسؤاله:
"هل أنت بخير وليد؟؟"
فأجاب وهو يسند رأسه إلى مسند السيارة:
"سأكون كذلك"
وسمعت سامر يقول:
"أنا آسف يا أخي"
فيرد وليد:
"لا عليك... انطلق بسرعة... يجب أن نصل في الموعد المحدد"
سار سامر بسرعة أبطأ من سرعة وليد... وعلل ذلك بعد اتضاح الرؤية أمامه... وبعد فترة بدأ الضباب ينقشع حتى زال تماما... قبل أن نصل على الحدود.
أظن أن وليد قد غفا لبعض الوقت من شدة إعيائه... وعندما اقتربنا من أول نقاط التفتيش عند الحدود سمعت سامر يخاطبه قائلا:
"وليد...وصلنا"
وكان صوت سامر مغلفا بالخوف والقلق... وليد تحرك من مقعده ثم أخذ يستخرج بعض الأوراق من جيوب سيارته فيما قلوبنا تخفق بشدة وأعيينا مفتوحة أوسعها متربصة بأي شخص يظهر في الصورة...
تناول وليد حقيبته اليدوية واستخرج الجوازات... وخاطب سامر بينما كان يوقف السيارة:
"أنا سأنزل لإتمام الإجراءات المطلوبة. وأنت ابق ملازما رغد. إياك والخروج لأي سبب. وإذا ما واجهت مشكلة لا قدر الله... فسأعطيك إشارة... وانطلق بالسيارة بأقصى سرعة ولا تأبه لشيء"
حملقنا في وليد بذعر ونحن نزدرد ريقنا متوجسين خيفة... قال سامر:
"ماذا؟؟"
فقال وليد:
"افعل ما قلته لك. إذا أحسست بالخطر فسأعطيك إشارة للهرب... وإن أعترضك أي شيء فاقتله... وأنا سأتكفل بالباقي"
ولم يترك لنا الموظف فرصة للاستيعاب, إذ به لوح بيده مشيرا إلينا... فنزل وليد من السيارة وقبل أن ينصرف قرب وجهه من النافذة وهو يقول:
"لا تنس ذلك"
وألقى علي نظرة... ثم انصرف إلى الموظف.
أخذت الوساوس تتلاقفني يمينا ويسارا... وأخذت أتضرع إلى الله من أعماق قلبي وبكل إلحاح... أن يسهل الأمر علينا ويخرجنا معا من دائرة الخطر سالمين...
رأيت سامر يمسك بشيء بين يديه وسرعان ما تبين لي أنه مسدس... فتفاقم الفزع في نفسي وكدت أخرّ مغشية من شدة الخوف...
مرة الدقائق التالية كالقرون... ونحن ننتظر عودة وليد وأعيننا محملقة عبر النوافذ في الاتجاه الذي سار فيه. وبعد هول الانتظار ظهر وليد أخيرا يتقدم نحونا يحفه اثنان من رجال الأمن, يرتدون زيا عسكريا. لدى رؤيتي لهم انفجر قلبي بقنبلة من النبضات الصارخة المدوية... كنت أشعر بها تصطدم بأسفل قدمي وربما تهز السيارة...
سامر بسرعة خبأ مسدسه تحت المقعد وتظاهر بأنه يستخرج أحد الأقراص المدمجة, وشغل المسجل... وأذكر أن القرص كان يبتهل ابتهالا خاشعا... كان وليد كثيرا ما يشغله أثناء مشاوير ذهابي وإيابي من الجامعة برفقة مرح.
وصل وليد ورجلا الأمن, وأشار أحدهما إلى سامر بأن يفتح حقيبة السيارة الخلفية... بينما طلب الآخر منه أن يفتح النافذة... وعندما فتحها ألقى بنظرة علينا ثم على جوازات السفر التي كانت في يده... وطلب من سامر أن يبرز بعض الوثائق الخاصة بالسيارة... ثم انصرف... وتبعه الرجل الآخر...
وليد اقترب من النافذة فتشبثت به أعيننا, قال:
"سأنهي الإجراءات وأعود... تسير الأمور بشكل جيد"
فجذبت نفسا عميقا... علّ ذلك يهدئ من سرعة خفقان قلبي ولو الشيء القليل...
وانصرف وليد, ثم عاد بعد قليل... وركب السيارة وقال:
"انطلق"
لم نصدق آذاننا لا أنا ولا سامر... لذا... بقينا متسمرين... ولم تتحرك السيارة... فنظر وليد إلى سامر وقال:
"هيا"
فسأل سامر:
"انتهى كل شيء؟؟"
فأجاب وليد:
"ليس بعد... لكننا تخطينا أول العقبات..."
وجملته الأخيرة أجهضت بذرة الطمأنينة التي ما كادت تنبت في قلبي... وتجاوزنا عقبتين أخريين, وخرجنا من حدود بلدنا... ودخلنا حدود البلدة المجاورة... وهناك طلب منا رجال الأمن الخروج من السيارة لتفتيشها...
تبادل وليد وسامر نظرة وإن خفيت عن رجال الأمن فهي لم تخف عني... سامر حاول أن يستخرج المسدس متظاهرا بأنه يعدل من وضعية مقعده... غير أن يده لم تطله... ربما فهم وليد حركة سامر... وكان رجال الأمن من حولنا... فأطل وليد عبر نافذته وقال:
"الفتاة لا تستطيع النهوض إذ أن رجلها مجبرة"
في محاولة للإفلات من التفتيش, غير أن أحد رجال الأمن قال:
"فليساعدها أحدكما على ذلك"
ولم يجد وليد بدا من أن يلتفت إلي ويقول:
"سأساعدك"
وكانت عيناه مضطربتين وقطرة من العرق سالت على جبينه نصف المخبأ تحت قبعته.
خرج وليد من السيارة وفتح الباب المجاور لي ومد يديه... وعندما خرجت من السيارة ووقفت على رجلي... راح يتلفت يمينا وشمالا بحثا عن مقعد... ووجدنا مقاعد حجرية على بضعة أمتار فقال:
"سأرفعك"
ثم التفت إلى سامر وقال:
"تعال معنا"
ولكن وليد وبعد أن سار بي خطوتين لا غير أحس بالتعب وهتف:
"أخي"
وسرعان ما رأيت ذراعيّ سامر تمتد وتحملني...
وصلنا إلى المقاعد فأجلسني سامر على أحدها وجلس وليد قربي مباشرة... وسمعناه يتنفس بقوة...
سامر سأل:
"أأنت على ما يرام؟؟"
فأومأ وليد بنعم وإن كان مظهره يثبت عكس ذلك... وأرسل أنظاره إلى رجال الأمن وهم يفتشون السيارة...
جلس سامر إلى الجانب الآخر مني وإذا بوليد يسأل:
"أهو معك؟؟"
فيجيب سامر:
"في السيارة"
فيرد وليد:
"تبا! أين تركته؟؟"
فيجيب سامر:
"تحت المقعد... لن يصعب عليهم العثور عليه"
فيقول وليد:
"أحمق... لماذا لم تخبئه جيدا أو حتى ترمي به من النافذة قبل وصولنا إلى هنا"
فيقول سامر:
"ألست من طلب مني إحضاره معي؟؟ لم يتسع المجال للتخلص منه"
فيعقب وليد:
"سيورطنا هذا المشؤوم... تبا.. من أين حصلت على مصيبة كهذه؟"
وما كاد ينهي جملته حتى رأينا رجال الأمن يكتشفون وجود سلاح مخبأ في قلب السيارة...
اشرأبت أعناقنا وجحظت أعيينا وجفت حلوقنا... ونحن نرى أحد رجال الأمن يقبل نحونا قابضا على السلاح بمنديل... كان ابنا عمي جالسين إلى جانبي ولما اقترب رجل الأمن وقفا واقتربا من بعضهما وسدا المرأى من أمامي... وسمعت صوت وليد يهمس:
"دعني أتصرف. لا تتفوه بشيء. لازم رغد"
ثم سمعت صوت رجل الأمن وقد صار على مقربة يسأل:
"لمن هذا الشيء؟؟"
مرت لحظة صامتة حسبت أنني فقدت السمع من طولها... ثم إذا بي أسمع:
"إنه... لي"
أتدرون صوت من كان؟؟
صوت وليد...
أو ربما... توهمت ذلك... إذ أنني مع هوسي بوليد... وفي حالتي هذه التي لا مثيل لها... أصبحت أتوهم كل شيء...
عاد صوت رجل الأمن يسأل:
"هل لديك تصريح رسمي بحمله وإدخاله إلى هنا؟؟"
"لم أجلب معي التصريح"
هذا صوت وليد... أنا واثقة من أنه صوت وليد.. لا يمكنني أن أخطئه... وليد قلبي!
"تعال معي لو سمحت"
قال ذلك رجل الأمن, ثم رأيت وليد يبتعد عني خطوة, ثم يلتفت إلى سامر ويقول:
"ابق مع رغد. إياك أن تبتعد عنها لأي سبب مهما كان"
فيرد سامر:
"وليد! ما الذي..."
ويقاطعه وليد قائلا:
"لازم الصمت. فقط ضع الفتاة نصب عينيك... أتفهمني؟"
ومال وليد بجسده قليلا لينظر إلي... ولم أستطع لحظتها حتى أن أتأوه... ورأيته يبتعد خطوة بعد خطوة... إلى أن توارى عن أنظاري...
حينها فقط أطلقت صيحة مكبوتة:
"وليد!!"
ومددت يدي إلى الأمام محاولة الإمساك بظله... لكنه تلاشى...
مرت نحو ساعة... ونحن عند المقاعد, أنا جالسة... وسامر يجلس تارة ويقف أخرى... في توتر فظيع...
بعد ذلك... أقبل إلينا أحد رجال الأمن وطلب منا مرافقته.
سأل سامر:
"أين شقيقي؟؟"
فأجاب الرجل:






التوقيع

.
.
.




ليس الوجع في أيام الفقد الأولى ، بل حين تأتي الأيام السعيدة
فتجد أنّ من يستطيع مشاركتك فرحتك بشكل أكبر و أعمق قد رحل ..!!










.
.

رد مع اقتباس