المؤلف: غسان كنفاني


المترجم / المحقق: غير كائن


الناشر: دار نشرات الرمال


الطبعة: 2015 م


عدد الصفحات: 172

حول الكتاب

تفتقر تلك الدراسة إلى عنصر أساسي يتوقف عليه عادة جزء جوهري من نجاح البحث، وهو وفرة المصادر.
لقد كانت مجربات تأريخ آداب المقاومة لدى شعب من الشعوب تتم عادة بعد التحرير، وذلك لأسباب بديهية لا داعي للدخول في تفصيلاتها، ومع ذلك بالنسبة لأدب المقاومة في فلسطين المحتلة فإن الأهمية تقتضي أن يكون القارئ العربي عموما، والنازح الفلسطيني خصوصا، على اطلاع مستمر عليها أنها في الأساس- تتناوله بالذات وتخاطب فيه ما تخاطبه في عرب الأرض المحتلة، وتنطلق من حوافز هي بالذات حوافزه، وتتعامل دونما شك مع صلب قضيته.
شعورا بمثل تلك الأهمية كان لا بد من التصدي لدراسة أدب المقاومة العربي في فلسطين، ذلك الأدب ذلك الذي ظل مجهولا بالنسبة لنا طوال أعوام المنفى، بالرغم من أنه يشكل الجانب الأكثر إشراقا في كفاح الشعب المغلوب على أمره.
إن تعقب الإنتاج الأدبي لعرب الأرض المحتلة هو عمل من أصعب الأعمال تلك التى يمكن لباحث أن يتصدى لها، وهذه الإشارة ليست تبريرا لشيء ولكنها اعتذار عن أي تقصير.
إن أي بحث من ذلك النوع لا يمكن أن ينتهى إلا إذا كان الباحث في داخل حركة المقاومة نفسها في الأرض المحتلة، يأخذ استشهاداته من المكان ذلك الذي تولد فيه وتعيش وتنتشر: شفاه الجماهير..
ولما كان مثل ذلك الموقع مستحيلا الآن، فإن النتيجة تلك التى يمكن الاطمئنان إليها، بعد قراءة الصفحات اللاحقة، هي أن أدب المقاومة في الأرض المحتلة هو أكثر اتساعا وانتشارا وخصبا من الشواهد القليلة المسجلة ها هنا، والتي كانت قاعدة أساسية للبحث.
إن تلك المقدمة ترغب كذلك- الإشارة إلى نقطة أخرى: ليس ثمة منهج أكاديمي في البحث، وقد يكون البحث مفتقرا إلى ((البرود المقالي)) ذلك الذي يعطي عادة أي مقال نقدي قدرته على الإقناع..
ولم يحدث ذلك فحسب لأننا طرف في مسألة المقاومة هذه، ومع ذلك كذلك لأن الظروف المقالية تلك التى ينمو فيها ذلك الأدب داخل الأرض المحتلة هي ظروف شاذة ونادرة وغير خاضعة لأي مقياس.
قد يكون البحث إذن مفتقرا إلى المنهج الأكاديمي، ولكنه جرب جهده أن يتمسك بأمرين جوهريين هما تذكره الدائم في معرض تقييمه لأدب المقاومة الظروف الخاضعة تلك التى استولدته، وإيمانه ذلك الذي لا يتزعزع وهو ((إيمان مقالي)) في اخر المطاف بقضية أدب المقاومة تلك التى تستولد بالتالي التزامات ومهمات لا يمكن لهذا الأدب أن يكون إذا لم يكرسها يوميا وفي كل حرف.